سرطان القولون والمستقيم أو ما يعرف كذلك
بإسم سرطان الأمعاء الغليظة , وهو عبارة عن نمو عشوائي وغير مضبوط لخلايا غير طبيعية تنشأ عادةً إما في الأمعاء
الغليظة (القولون) أو في المعي المستقيم (المستقيم) , وبينما يبقى السبب المُحَدِد
لهذا السرطان مجهولاً في معظم الحالات , يسود
الإعتقاد بأن سرطان القولون والمستقيم ينشأ أصلاً من أورام صغيرة تسمى السلائل أو
البوليبات , حيث تتشكل تلك السلائل في تبطين القولون أو المستقيم , وعلى الرغم من
أن معظم السلائل لا تتحول إلى أورام سرطانية , إلا أن السلائل السرطانية تبقى هي
المسؤولة في كثير من الأحيان عن إحداث سرطان القولون والمستقيم , وفي حال تم
إكتشاف السليلة السرطانية في مرحلة مبكرة , يتم عادةً إستئصالها بنجاح وسهولة تامة
, ولكن غالباً لا يكون هناك أية أعراض أو علامات أولية ظاهرة , يمكن من خلالها كشف
هذا السرطان بوقت مبكر , لذلك يكون الورم السرطاني قد تخطى منطقة الإصابة في
القولون أو المستقيم , لينتقل وينتشر إلى أماكن وأعضاء آخرى من الجسم , لتظهر عند
ذلك الأعراض وهو في مرحلة متقدمة من المرض .
ويعتبر سرطان القولون والمستقيم من السرطانات
الأكثر شيوعاً وإنتشارا على مستوى العالم , وهو بمثابة المسبب الثاني للوفيات (من
بين مختلف أنواع السرطان) لدى الرجال والنساء على حد السواء , وذلك في القارة
الأوروبية , وهو يحتل أيضاً المرتبة الثالثة من بين أكثر أمراض السرطان التي يتم
التبليغ عنها في العالم , مع تسجيل أكثر من مليون إصابة جديدة سنوياً , ويموت
عادةً أكثر من 600 ألف شخص سنوياً حول العالم من جراء الإصابة بهذا المرض .
هناك مجموعة من العوامل من الممكن أن تزيد من
معدل وفرصة الإصابة بسرطان القولون والمستقيم , حيث تعمل تلك الأسباب أو العوامل
على رفع وزيادة نسبة الحدوث لهذا المرض , وهي تدعى أو تسمى بعوامل الخطر , ويمكننا
حصرها بالأتي :
- التقدم بالسن : يزداد معدل الإصابة بسرطان القولون والمستقيم مع التقدم وإزدياد العمر , إذ يتم تشخيص وإكتشاف 90% من حالات الإصابة بالمرض لدى الأشخاص ما فوق سن الخمسين .
- الجنس أو النوع : حيث يصيب سرطان القولون والمستقيم الرجال والنساء على حد السواء , أي بالتساوي .
- العوامل المرتبطة بنمط الحياة : فكل من السمنة والبدانة , والنظام الغذائي السيء والغير صحي , وقلة النشاط البدني وعدم ممارسة الرياضة , والإدمان والمبالغة في التدخين , والإسراف في شرب الكحول والخمر , من شأنها أن ترفع وتزيد من نسبة وفرصة الإصابة بسرطان القولون والمستقيم .
- العوامل الوراثية والتاريخ العائلي : حيث يزداد معدل ونسبة الإصابة بهذا المرض , إذا كان هذا الشخص لديه قريب من الدرجة الأولى(قرابة مباشرة كالأب والأم) مصاب بسرطان القولون والمستقيم .
ملاحظة : إن وجود عامل واحد أو أكثر من عوامل
الخطورة هذه لدى شخص ما , فهذا لا يعني بالضرورة أو قطعاً أن ذلك الشخص سوف يصاب
بالتأكيد بسرطان القولون والمستقيم , ولكن وجود تلك العوامل أو بعضها عنده , قد
يزيد من فرص الإصابة لديه .
في المراحل المبكرة للإصابة , لا يُظهر
غالباً سرطان القولون والمستقيم أية أعراض أو علامات تدل على وجوده , وإنما يتم
تشخيصه في أغلب الأحيان صدفة من خلال إجراء التنظير أو الأشعة للقولون , وبشكل عام
فإن الأعراض المعروفة والمؤشرة على إحتمالية وجود هذا المرض , ولكن في المراحل
المتقدمة , تشمل الآتي :
- فقدان وإنخفاض غير مُبَرَر للوزن وبدون أسباب واضحة .
- عدم الشعور بالراحة في منطقة البطن بشكل عام , بسبب تكرر الآلام بفعل الغازات أو الإنتفاخ أو الشعور بالإمتلاء أو المغص الحاد , أو ربما بسبب جميع تلك الأشياء .
- الإحساس والشعور بعدم إفراغ الأمعاء(القولون) بشكل كامل بعد الإنتهاء من التغوط وإخراج الفضلات من الجسم .
- التغيير في الوضع الطبيعي والمعتاد للأمعاء(القولون) , من ناحية العادة الطبيعية للتبرز أو التغوط , حيث يؤدي سرطان القولون والمستقيم إلى حالة من الإمساك , أو ربما أحياناً إلى الإسهال , ويكون ذلك من دون سبب ظاهر أو واضح , ولمدة قد تزيد عن ستة أسابيع .
- وجود دم في (أو على) البراز , وقد يكون الدم فاتح اللون أو قاتم(غامق) .
- الإرهاق المتواصل , والإحساس المستمر بالتعب الشديد , والشعور بالإجهاد معظم الوقت .
- تغير في هيئة البراز , كنزول البراز بشكل أرفع وأقل سماكة من المعتاد .
- الشعور بالغثيان , مع وجود حالات من التقيؤ أو الترجيع .
ملاحظة : إن الأعراض التي تم ذكرها , قد يكون
بعضاً منها ناتجاً ومصاحباً أحياناً لعدد من الأمراض المختلفة الآخرى , ولكن وجود
أكثر من علامة أو عارض مما تم بيانها وذكرها , فإن ذلك يستدعي ويتطلب مراجعة
الطبيب لإجراء الفحوصات اللازمة للتأكد والإطمئنان .
يمكن اللجوء إلى العديد من الفحوصات للكشف
والتشخيص , وذلك من أجل البحث وإكتشاف السلائل (البوليبات) أو حتى سرطان القولون
والمستقيم , ويمكن إجراء تلك التحاليل والفحوصات كلاً على حدة , أو تطبيقها
وإستخدامها مجتمعة , كما ينصح بالمباشرة بالكشف عن سرطان القولون والمستقيم لدى
الأشخاص (رجال أو نساء) ممن تتراوح أعمارهم ما بين 50 إلى 75 عاماً .
حيث تشمل الفحوصات والتحاليل اللازمة للتشخيص
والكشف , ما يلي :
- تحليل البراز (الإختبار العالي الدقة للدم الخفي في البراز) : ينصح بإجراء هذا التحليل سنوياً , حيث يستخدم هذا الإختبار للكشف والفحص بحثاً عن وجود الدم في البراز .
- التنظير السيني (Sigmoidoscopy) : يُنصح كذلك بالخضوع له وإجرائه كل 5 سنوات على الأكثر , ولإجراء هذا الفحص , يقوم الطبيب المختص بإستخدام أنبوب قصير , حيث يكون هذا الأنبوب أيضاً رقيقاً , وذو مرونة ومزود بإضاءة , يتم إدخال هذا الأنبوب داخل فتحة المستقيم للبحث والكشف عن السلائل والأورام السرطانية داخل منطقة المستقيم والثلث الأسفل من القولون .
- تنظير القولون (Colonoscopy) : من الأفضل إجراء هذا الفحص والخضوع له كل عشر سنوات على الأكثر , ويعتبر هذا الإختبار شبيه إلى حد ما بالتنظير السيني , إلا أن الطبيب يستعمل هنا أنبوب أطول , رقيق وذو مرونة , ومزود كذلك بإضاءة للبحث وإكتشاف السلائل والخلايا السرطانية داخل المستقيم وعلى طول القولون بأكمله , ومن خلال إجراء هذا الإختبار , يستطيع الطبيب المعالج أن يكتشف ويزيل أيضاً معظم السلائل والبعض من الأورام السرطانية الموجودة .
والآن نأتي لذكر أنواع العلاجات المتاحة
والمتوفرة لسرطان القولون والمستقيم :
في الغالب تختلف أنواع العلاجات المتاحة
وفقاً لمرحلة تقدم السرطان , ونقصد هنا تحديداً حجم الورم السرطاني وموقعه في
القولون أو المستقيم , وكذلك معدل الإنتشار أو عدم الإنتشار إلى أجزاء أخرى من
الجسم , بالإضافة إلى معرفة الحالة الجسدية والصحية للمصاب , وبناءً على ما تقدم
ذكره يتم تحديد العلاج المناسب , وبصورة عامة فإن الخيارات العلاجية لسرطان
القولون والمستقيم , هي على الشكل التالي :
العلاجات لسرطان القولون والمستقيم في
المرحلة المبكرة :
- الجراحة : تعتبر بمثابة الخيار العلاجي الأول والأساسي للمرضى الذين لم ينتشر أو يتجاوز الورم السرطاني أكثر من منطقة القولون أو المستقيم , وتحديداً لم ينتقل خارجها أو يصل إلى أجزاء أو أعضاء أخرى من الجسم ( مثل الرئتين أو الكبد) .
- العلاج الكيميائي : يمكن اللجوء والإعتماد عليه أيضاً كعلاج مساعد بعد إجراء العمل الجراحي , بهدف التقليل والحد من خطر عودة السرطان مرة أخرى .
العلاجات لسرطان القولون والمستقيم في حالة
الإنتشار أو التفشي :
- قد يتم في بعض الحالات , اللجوء إلى الجراحة كإحدى الخيارات العلاجية للمرضى المصابين بسرطان قد إنتقل إلى أجزاء أخرى من الجسم , وتحديداً إلى الكبد .
- العلاج الكيميائي : يعمل هذا العلاج على التخفيف من الأعراض المصاحبة للمرض , وتحسين نوعية الحياة وإطالة عمر المريض قدر الإمكان , وعادةً ما يتم إعطاء العلاج الكيميائي إما عبر الحقن الوريدي (أي مباشرة إلى الدم) أو بتناوله عن طريق الفم , على هيئة أقراص أو حبوب دوائية .
- العلاج البيولوجي : تقوم العلاجات البيولوجية أو ما تسمى أيضاً بإسم العلاجات الموجهة , بتحفيز الجهاز المناعي في الجسم , لعمل تثبيط لنمو وتكاثر الخلايا السرطانية , عن طريق تعديل بعض العمليات الجزئية والخلوية المسؤولة عن نمو وتقدم الورم , وهناك أنواع متعددة من العلاجات البيولوجية لعلاج سرطان القولون في مراحله المتقدمة , وقد تعطى هذه العلاجات إما منفردة وكعلاج وحيد , أو بالإشتراك مع علاجات أخرى في مختلف مراحل المرض المتقدمة .
بقلم إياد عادل إسماعيل
إياد عادل إسماعيل , كاتب ومُدَوِن في المجال الطبي
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق