تتميز هشاشة العظام أو ما يطلق عليها أيضاً
تسمية ترقق العظام أو كذلك تخلخل العظام , بأنها عبارة عن حالة مرضية يحدث فيها
خلل وضعف بالكتلة العظمية في الجسم , حيث تصبح هذه الكتلة أخف وأقل كثافة , ما
يؤدي إلى تتدهور التكوين الدقيق للنسيج العظمي (الذي بدوره يتألف من الخلايا
العظمية) , ما يجعله أضعف وأقل مستوى من الطبيعي , فتصبح بذلك العظام ضعيفة ورقيقة
وهشة وقابلة للكسر بسهولة وبأبسط الأمور , وكما أن مشكلة هشاشة العظام تعد من
المشاكل الصحية الشائعة جداً والمنتشرة بكثرة بين الناس , فهي تصيب الكثير من النساء والرجال , ولكنها تصيب
النساء بمعدل إمرأة من كل إثنتين , ورجلاً من بين أربعة رجال .
تختلف قوة وسرعة نمو العظام من شخص إلى آخر ,
ولكن عادةً ما يكتمل نمو العظام ويصل إلى ذروته في العمر ما بين 25 إلى 30 سنة ,
ويبقى العظم مستقراً على حاله حتى منتصف العقد الرابع من العمر تقريباً (أي لعمر
45 سنة) , بعدها يبدأ الإنسان بالتعرض لفقد وهبوط كثافة العظم , وتكون خسارة
النسيج العظمي سريعة للغاية , ولكن نسبة إنخفاض المادة العظمية تكون أعلى عند
النساء بالمقارنة مع الرجال , وبخاصة عند النساء اللواتي يدخلن سن اليأس (سن إنقطاع
الطمث أو سن إنقطاع الدورة الشهرية) , أو من يواجهن مشكلة صحية أو مرضية ما , ينتج
عنها نقص حاد لهرمون المبيض (الأستروجين) , ويبقى التهاود والإنخفاض للكثافة
العظمية سريعاً لفترة تتراوح ما بين 5 إلى 10 سنوات , ثم بعدها تتساوى سرعة فقد
الكثافة العظمية عند الرجال والنساء مع تقدم العمر , وبخاصة في سن الشيخوخة ,
ولهذا فإن النساء تصاب بمرض هشاشة العظام أكثر من الرجال .
الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بمرض هشاشة أو
ترقق العظام :
- توقف العادة الشهرية (الحيض) لمدة سنة أو أكثر (بإستثناء فترات الحمل) .
- الدخول المبكر في سن اليأس (إنقطاع الطمث أو الحيض) أو بلوغه قبل عمر 45 سنة , إجراء عمل جراحي يتم بموجبه إستئصال المبيضين قبل إنقطاع الحيض .
- الجِنس أو النوع , فالمرأة معرضة للإصابة بهشاشة أو تخلخل العظام أكثر من الرجل .
- العادة أو الدورة الشهرية (الحيض) , غير منتظمة أو توقفت نهائياً لفترة تفوق الستة أشهر , وذلك قبل بلوغ سن اليأس أو إنقطاع الحيض .
- قلة تناول الأطعمة الغنية بالكالسيوم , أو بعبارة آخرى تناول كمية قليلة من الحليب , والألبان , والأجبان , والخضروات في مرحلة الصغر , بإعتبار تلك الأطعمة غنية جداَ بعنصر الكالسيوم .
- النقص الحاد والمستمر في فيتامين د/D , إن إنخفاض مستوى فيتامين د في الجسم , يؤدي إلى قلة إمتصاص الكالسيوم والفسفور من الأمعاء , ما ينتج عنه ضعف ولين العظام .
- الإفتقار إلى الحركة والنشاط البدني , وبالتحديد قلة أو عدم ممارسة الرياضة .
- الإدمان على التدخين (أكثر من 20 سيجارة يومياً) , والنرجيلة (الأرجيلة) , وتناول الكحول والمبالغة في شربها .
- التاريخ العائلي والعامل الوراثي , كوجود مرض هشاشة العظام عند أحد أفراد العائلة (كالأم , أو الأخت , أو الخالة) .
- تناول الكورتيزون ومشتقاته أو العلاج المزمن (لفترة طويلة جداً) بأدوية الهيبارين (مضاد لتخثر أو تجلط الدم) , الأشخاص المقعدين , والمصابين أيضاً بالضمور (ينتج عنها قلة الحركة) وفقدان الشهية .
- البنية النحيلة أو الضعيفة , والبشرة الفاتحة أو البيضاء , وقلة التعرض لأشعة الشمس .
- كثرة وفرط إفراز الغدة الدرقية .
- الأمراض المزمنة التي تصيب الكلى , والكبد , والعظم .
هناك عدة أنواع من مرض ترقق أو هشاشة العظام
تصيب كل الأعمار , ولكن أهمها:
- هشاشة العظام المتعلقة بسن اليأس أو إنقطاع العادة الشهرية عند النساء , فعندما تقترب المرأة من عمر الخمسين , تكون بكامل حيويتها ونشاطها , إلى أن تأتي فترة إنقطاع الطمث أو الحيض , فيؤدي ذلك إلى إنخفاض حاد في الهرمون الأنثوي (الأستروجين) في الجسم , وهذا ما قد ينتج عنه مرض هشاشة العظام .
- هشاشة العظام المتعلقة بسن الشيخوخة , فعادةً ما يحصل تحول في الهيكل والنسيج العظمي كبقية التحولات التي تطرأ على بقية أعضاء الجسم , كالدماغ , وعضلة القلب , والجلد وغيرها , وذلك بسبب التقدم بالعمر والشيخوخة .
تتميز المراحل الأولى والمبكرة من تخلخل
وهشاشة العظام , بأنها تخلو عادةً من أية علامات واضحة قد تدل على وجود تلك الحالة
, فقد لا يدرك الشخص أنه يعاني من ترقق العظام , حتى تصبح عظامه لينة وضعيفة إلى
حد يكون من السهل تعرضها للإصابة بالكسر أو الإنحناء , ومن العلامات أو الأعراض
التي تظهر عند ضعف أو ضمور العظام نتيجة الإصابة بهشاشة العظام , هي :
- إنحناء الظهر وقصر واضح بالقامة .
- آلام وأوجاع في أسفل الظهر , وفي بعض الأحيان تكون الأوجاع حادة ومؤلمة جداً , وتتميز بظهورها بعد فترة من الراحة , وهي ليست إلا نتيجة لكسور صغيرة ومتعددة في فقرات العمود الفقري .
- في أغلب الأحيان , إذا لم يتم تشخيص المرض وإكتشافه في مرحلة مبكرة , قد تنهار بعض فقرات العمود الفقري وتُسحق مع بعضها , وتضغط على العمود مما يقصر الطول , وإذا ما سُحِق عدد منها في آنٍ واحد , يبدأ عندها العمود الفقري بالإلتواء والإنحناء بشدة , مسبباً في بادئ الأمر ألم شديد جداً في منطقة الظهر , ثم يتحول ذلك إلى وجع وألم مزمن .
- كسور في معصم اليد أو رسغ اليد (وهو عبارة عن مفصل يقع بين كف اليد والذراع) , وهو من الأمور الشائعة جداً عند النساء في سن ال45 .
- كسور الورك عند النساء والرجال , وخصوصاً في سن الشيخوخة .
- كسور في الأضلاع (عظام القفص الصدري) والأطراف السفلية والعليا .
ولتشخيص وإكتشاف مرض وهن أو ترقق العظام ,
يجب إتباع الآتي :
- عمل دراسة تحليلية للشخص , والبحث فيها عن المسببات وعوامل الخطر التي قد تزيد من فرصة وإحتمالية الإصابة بمرض هشاشة العظام .
- فحوصات شعاعية , كعمل الصورة الشعاعية العادية مثلاً أو الصورة الطبقية بالكمبيوتر (C.T Scan) .
- قياس كثافة العظام , وهو يعتبر من أهم وأفضل الفحوصات , حيث يحدد هذا الفحص نسبة الكثافة العظمية في كافة أنحاء الجسم , وبخاصة الأطراف الأكثر عرضة للكسر (كفقرات العمود الفقري بالظهر , والمعصم , والورك , إلخ.....) , وتعود أهميته ليس لتشخيص مرض هشاشة العظام فحسب , وإنما أيضاً لقياس الكثافة العظمية المكتسبة بعد العلاج والمتابعة .
أما بالنسبة لعلاج هشاشة العظام , فإنه يعتمد
على مجموعة من العوامل , كعمر المريض أو الشخص المصاب بترقق العظام , وعلى جنس
المصاب (إن كان أنثى أو ذكر) , وعلى درجة أو مرحلة الترقق (التخلخل) التي وصلت
إليها العظام , وعلى مكان أو موقع العظام المتضررة أو المكسورة , وعلى الوضع الصحي
للمريض , وبناءً عليه فإن العلاج لهشاشة العظام يهدف إلى التالي :
- منع تكسر وخسارة العظم , التخلص من الأوجاع , تحسن القدرة على الحركة .
ولمعالجة
مشكلة هشاشة العظام , يقوم الأطباء بعمل الآتي :
بعد أن يشخص ويكشف الطبيب المختص الحالة
المرضية , على أنها مرض ترقق العظام , قد يختار لك إحدى العلاجات المتوفرة , والتي
أثبتت الكثير من الدراسات فعاليتها وجدواها لكلا الجنسين , وهناك أيضاً طرق علاجية
متعددة يتم وصفها حسب الحالة وتحت إشراف طبي مختص .
إن العلاج بإعطاء الكالسيوم يساعد على بناء
العظم , ولكنه غير قادر على منع أو إيقاف ترقق وتخلخل العظم , لذلك قد يترافق وصف
الكالسيوم للمصاب بهشاشة العظام بالتزامن مع فيتامين د أو مع بيفوسفونات أو مع
علاج هرموني بديل , حيث أن فيتامين د يساعد على إمتصاص معدن الكالسيوم من الأمعاء
, ما يعمل بوجه عام على تقوية العظم , وعادةً ما يحصل الناس على فيتامين د عن طريق
تعرضهم لأشعة الشمس , أو من خلال بعض المأكولات كالحليب والأسماك البحرية , أو عن
طريق تناوله كأقراص وحبوب (مكمل غذائي) يتم شرائها من الصيدليات أو أماكن بيع
المكملات الغذائية .
البيفوسفونات : تعمل على تقليل التحول العظمي
من خلال وقف مفعول الخلايا المسؤولة عن تكسر العظم , وتعتبر البيفوسفونات من
العلاجات الغير هرمونية , وهناك عدة أنواع منها , بعضها يؤخذ بشكل مستمر ويومي
والبعض الآخر يتم تناوله بمعدل حبة واحدة كل أسبوع .
وأخيراً..... فإن الأساس في محاربة هذا المرض
هو بالوقاية منه , فمن الضروري أن يعرف كل شخص كيف يستطيع أن يحمي عظامه .
- ويكون ذلك بإتباع نظام غذائي متوازن وصحي ومدروس , وغني بالكالسيوم والمعادن والفيتامينات الآخرى اللازمة والضرورية لنمو عظمي كامل وقوي , ولكن يجب أن يكون ذلك منذ الصغر وفي سن مبكرة .
- الإقلاع عن التدخين والنرجيلة , والتوقف عن شرب الكحول , والتقليل من تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين كالقهوة , ومزاولة الرياضة البدنية والمواظبة عليها , وتجنب الخمول والكسل وإستبدالها بكثرة الحركة والنشاط .
- عدم الإنحناء لإلتقاط الأشياء عن الأرض , وإنما يجب ثني الركبتين , والحرص دائماً على إستقامة الظهر .
- أخذ الإحتياطات اللازمة والإنتباه لتفادي السقوط القوي والعنيف على الأرض , كي لا تتآذى العظام , وبخاصة عند التقدم بالعمر .
بقلم إياد عادل إسماعيل
إياد عادل إسماعيل , كاتب ومُدَوِن في المجال الطبي
0 التعليقات Blogger 0 Facebook
إرسال تعليق